من شكر نعم المنعم سبحانه وقدرها أن يلطف الإنسان بالضعفاء والمساكين ويحبهم ويكرمهم ويجلس ويأكل معهم
إن شريعة الله تعالى وتعاليم النبي محمد صلى الله عليه وسلم جاءت رحمة وشفقة ومساعدة في جانب الضعفاء والمساكين، حتى يشعر المسكين والضعيف بالطمأنينة التي ترفع نفسه إلى مصاف القوة والأمن ، فقد أمر الله جل جلاله نبيه صلى الله عليه وسلم بالجلوس إليهم والصبر على ذلك، فقال : {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا} [ الكهف 28]
وفيما يلي بيان بعض الأحاديث التي تحث المسلمين على الرفق بالضعفاء والمساكين ومجالستهم وحبهم وإعانتهم :
1- روى مسلم والترمذي وابن ماجه وأحمد وغيرهم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :” انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عليكم”
[مسلم 2963 والترمذي 2513 وابن ماجه 4142 وأحمد 7449 واللفظ له]
2- روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق ، فلينظر إلى من هو أسفل منه”
[البخاري 6490 ]
3- وأخبر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أن من أسباب سعة الرزق الإحسان إلى الضعفاءوالمساكين روى البخاري عن مصعب بن سعد أن سعد بن أبي وقاص رأى أن له فضلا على من دونه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:” هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم ”
[البخاري 2896 ]
وذلك أن عبادة الضعفاء ودعاءهم أشد إخلاصا وأكثر خشوعا، لخلاء قلوبهم من التعلق بزخرف الدنيا وزينتها ، وصفاء ضمائرهم.[ الدرر السنية]
كما أن في الحديث بشارة للأمة التي ترعى حق ضعفائها بالنصر ، حيث يكون دعاء الضعيف ذا قبول حسن من الرحمن الرحيم.
4- وفي الحديث القدسي الطويل ” ……….يا محمد ! إذا صليت فقل : اللهم إني أسألك فعل الخيرات ، وترك للمنكرات ، وحب المساكين ، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون”
[ الترمذي 3233 وأحمد 3484 وصححه الألباني رحمه الله]
5- إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا ربه عزوجل أن يحييه مسكينا ويميته مسكينا ويحشره في زمرة المساكين، روى ابن ماجه والطبراني والحاكم وغيرهم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: أحبوا المساكين ،فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه :” اللهم أحيني مسكينا ،وأمتني مسكينا ،واحشرني في زمرة المساكين”
[ابن ماجه 4126 والطبراني في الدعاء 1425 والحاكم 7911 عن أبي سعيد الخدري وأنس بن مالك وعبادة بن الصامت وابن عباس رضي الله عنهم ، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة 308 : حسن لشواهده ،وقال في صحيح الترغيب 3193 : حسن لغيره .]
6- ومن آداب الإسلام العلية في طريقة معاملة الخدم والضعفاء التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم : أمره وتوجيهه السيد أو المخدوم إلى أن يجلس الخادم ليأكل معه من الطعام الذي أعده ….. روى البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :” إذا جاء خادم أحدكم بطعامه ، قد كفاه حره وعمله فليقعده يأكل معه ، أو يناوله لقمة”
[ البخاري 2557 ومسلم 1663 والترمذي 1853وابن ماجه 3289 وأحمد 9984 واللفظ له]
وأيضا فإن الأكل مع الخدم والضعفاء من التواضع والتذلل وترك التكبر، وذلك من آداب المؤمنين وأخلاق المرسلين.
7- روى البخاري ومسلم عن حارثة بن وهب الخزاعي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” ألا أخبركم بأهل الجنة ؟ كل ضعيف متضعف ، لو أقسم على الله لأبره ، ألا أخبركم بأهل النار ؟ كل عتل جواظ مستكبر”
[ البخاري 4918 ، 6071 ، 6657 ومسلم 2853 وغيرهما]
كما روى البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” قمت على باب الجنة ، فكان عامة من دخلها المساكين ، وأصحاب الجد محبوسون …”
[ البخاري 6547 ومسلم 2736 ]
وكذا روى مسلم وأهل السنن وغيرهم عن أبي هريرة وغيره رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :” رب أشعث مدفوع بالأبواب ، لو أقسم على الله لأبره ”
[ مسلم 2622 ، 2854 واللفظ له وأهل السنن وأحمد]
8- وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن شر الوليمة وليمة يدعى إليها الأغنياء دون الفقراء، روى البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول :” شر الطعام طعام الوليمة، يدعى لها الأغنياء ، ويترك الفقراء….”الحديث
[البخاري 5177 ومسلم 1432 وأبوداود 3742 وابن ماجه 1913]
9- وأخبر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أن إغضاب فقراء المسلمين إغضاب للرب سبحانه، حيث قال لصفوة أصحابه أبي بكر الصديق رضي الله عنه ،حينما قال كلاما أمام فقراء المسلمين منهم بلال وسلمان وصهيب رضي الله عنهم :” يا أبابكر ! لعلك أغضبتهم؟ لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك ” فأتاهم أبوبكر فقال: يا إخوتاه! أغضبتكم ؟ قالوا: لا، يغفر الله لك يا أخي.
[ أخرجه مسلم 2504 واللفظ له والنسائي في السنن الكبرى8277 وأحمد 20643 عن عائذ بن عمرو رضي الله عنه]
إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي تحث على الرفق بالضعفاء والمساكين وحبهم وإكرامهم ومجالستهم.
10- أن مجالسة الفقراء والمساكين سبب لزوال الغم وراحة البال بإذن الله تعالى:
قال عون بن عبدالله رحمه الله: كنت أجالس الأغنياء فلا أزال مغموما ، حيث كنت أرى ثوبا أحسن من ثوبي ، ودابة أرفه من دابتي ، فجالست الفقراء فاسترحت. [ العزلة للخطابي ]
لعل فقيرا تبسمت له واحترمته وأدخلت عليه سرورا ،فرفع يديه ودعا لك ، فرضي الله عنك وجعلك من عباده المفلحين.
اللهم وفقنا لهداك والعمل برضاك يا أرحم الراحمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
حرره العبدالفقير إلى عفو ربه المولى القدير
عبدالحليم بن محمد بلال أبومصعب