التفاخر والتباهي بالإكثار من الأضاحي مذموم، وخلاف السنة النبوية والآثار 

 

الأضحية شعيرة من شعائر الله تعالى، تذبح في أيام العيد، يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى، فلاينبغي له أن يتباهى ويفتخر في أمور العبادة : الأضاحي وغيرها ، بل ينبغي له ويجدر به أن يقتصد فيها ، ويسلك مسلك سلف الأمة ، ويتبع سبيلهم ، ويتجنب ويحذر مخالفتهم :

1- روى البخاري وغيره عن عبدالله بن هشام رضي الله عنه ، وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وذهبت به أمه زينب بنت حميد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله بايعه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
” هو صغير” فمسح رأسه ودعا له ، وكان يضحي بالشاة الواحدة عن جميع أهله.

[ البخاري 7210 وأبوداود 2942 وأحمد 18046 والبيهقي 11536]

2- روى الترمذي وابن ماجه وغيرهما عن عطاء بن يسار أنه قال : سألت أبا أیوب الأنصاري رضي الله عنه : كيف كانت الضحايا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال:
كَانَ الرَّجُلُ يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ ، حَتَّى تَبَاهَى النَّاسُ، فَصَارَتْ كَمَا تَرَى.

[ الترمذي، أبواب الأضاحي، باب ما جاء أن الشاة الواحدة تجزئ عن أهل البيت 1505، وقال: هذا حديث حسن صحيح، واللفظ له ،و ابن ماجه، کتاب الأضاحی، باب من ضحی بشاۃ عن أھله 3147 والبغوي في شرح السنة 357/4 ، قال الألباني رحمه الله: حسن صحيح]

قوله: كيف كانت الضحايا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أي: كيف أنتم تضحون في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ؟

قوله : كان الرجل يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته.: أي: يذبح الشاة الواحدة، يضحي بها عن نفسه وعن أهل بيته جميعا.

قوله: حتى تباهى الناس: أي: حتى أتى وقت يفتخر فيه الناس بكثرة أضحياتهم.

قوله: فصارت كماترى : أي: فكانت كما تشاهدها اليوم ، يضحي الرجل عن أهل بيته بأكثر من شاة فخرا ومباهاة.

وفي الحديث الزجر عن المباهاة والتفاخر بالأضحية والطاعات، لأن العمل ينبغي أن يكون خالصا لله تعالى بلا رياء.

3- روى ابن ماجه والبيهقي والطبراني والحاكم وغيرهم عن أبي سريحة حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه أنه قال:
حَمَلَنِي أَهْلِي عَلَى الْجَفَاءِ ، بَعْدَ مَا عَلِمْتُ مِنَ السُّنَّةِ، كَانَ أَهْلُ الْبَيْتِ يُضَحُّونَ بِالشَّاةِ وَالشَّاتَيْنِ، وَالْآنَ يُبَخِّلُنَا جِيرَانُنَا.

[ ابن ماجه، كتاب الأضاحي، باب من ضحى بشاة عن أھله، 3148 ،واللفظ له ، والبیھقي في السنن الكبرى19055، والطبراني في الكبير 3956 ، والحاكم في المستدرك 7550 باختلاف يسير. قال الألباني رحمه الله في صحيح سنن ابن ماجه 2564 : إسناده صحيح]

قوله: حملني أهلي على الجفاء: لما يلحقهم من الإنكار واللوم عليهم في أضحيتهم.

قوله: بعد ما علمت من السنة: أي :من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قوله: كان أهل البيت يضحون بالشاة والشاتين: أي: يكثرون من الأضاحي مفاخرة ومباهاة ، وكانت السنة أنه يجزئ في الأضحية عن أهل البيت الشاة الواحدة، لما ورد من أخبار تفيد هذا الحكم.

قوله: الآن يبخلنا جيراننا: أي: ينسبوننا إلى البخل والشح، إن اكتفينا بالواحدة اتباعا لتلك السنة، وفي رواية الطبراني: رأيت أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وما يضحيان مخافة أن يستن بهما.

وفي الجديث تيسير الشرع في الأضاحي، وأنه تجزئ شاة واحدة عن أهل البيت الواحد، وإن كانوا عددا كثيرا.

اللهم اجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم، وموافقا لسنة نبيك العظيم صلى الله عليه وسلم، و أبعدنا عن التفاخر والتباهي في الأضاحي وفي كل الطاعات ، واجعلنا هداة مهتدين لا ضالين ولا مضلين. اللهم آمين يا أرحم الراحمين.

 

حرره العبد الفقير إلى عفو ربه المولى القدير عبدالحليم بن محمد بلال أبومصعب، بلاهور.

السبت،الرابع من شهر ذي الحجة، لعام 1446ھ