تراحم المسلمين وتعاطفهم وتكاتفهم فيما بينهم من الإيمان
حض الإسلام على المؤاخاة والألفة والمواساة بين المؤمنين، وأن يكونوا متكاتفين مثل الجسد الواحد ، ومثل البنيان المرصوص ، لتقوى وحدتهم وتتفق كلمتهم:
روى البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمِهِمْ وتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الجَسَدِ ، إذا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى له سَائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى».
[ البخاري 6011 ومسلم 2586 واللفظ له]
أرشد النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أمته إلى ما ينشئ فيهم التراحم والحب والعاطفة ، حيث قال : ” ترى المؤمنين في تراحمهم ” بأن يرحم بعضهم بعضا بأخوة الإسلام ، لا بسبب آخر ” وتوادهم” وهو تواصلهم الجالب للمحبة ، كالتزاور والتهادي ” وتعاطفهم ” بأن يعين بعضهم بعضا، كمثل الجسد بالنسبة إلى جميع أعضائه ، إذا اشتكى عضو منه تداعى له سائرجسده ، أى دعا بعضه بعضا إلى المشاركة بالسهر ، لأن الألم يمنع النوم و( يسبب) الحمى ، لأن فقد النوم يثيرها.
والمعنى أن المسلمين يستشعرون آلام بعضهم بعضا ومصائبهم ، بالعون وتقديم مساعدة بعضهم بعضا ، كمثل الجسد الواحد، إذا مرض منه عضو انهار له سائر جسده ، وهذا تنبيه للمسلمين بأن يكونوا كذلك في جميع شؤونهم. [ الدرر السنية]
لقد امتثل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بحديث نبيهم صلى الله عليه وسلم امتثالا انصهرت فيه كل فوارق الوطن والنسب والغنى والفقر ، وكانوا -رضي الله عنهم- سريعي الطاعة والانصياع لأوامر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ومن لم يسره ما يسر المؤمنين ويسوءه ما يسوء المؤمنين فليس منهم ،ففي الصحيحين عن عامر قال: سمعت النعمان بن بشير رضي الله عنه يخطب ويقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :” مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر .[ مجموع الفتاوى 128/10]
حرره العبدالفقير إلى عفو ربه المولى القدير: عبدالحليم بن محمد بلال أبومصعب