سقي الماء من أفضل أنواع الصدقة
من أنفع الصدقات للميت – وكذا للحي- الصدقة الجارية التي تبقى منفعتها في الناس إلى أطول أجل ممكن ، وفيما يلي ذكر بعض الأحاديث التي تدل على ذلك:
1- عن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله! إن أمي ماتت أفأتصدق عنها ؟ قال: ” نعم ” قلت : فأي الصدقة أفضل ؟ قال : ” سقي الماء”
[ رواه أبو داود 1679 ،1681 وفيه : فحفر بئرا ، وقال : هذه لأم سعد ، والنسائي 3694 ، 3695 واللفظ له ، وابن ماجه 3684 وأحمد في المسند 22459 وابن خزيمة 4/208 وابن حبان 3348 وغيرهم . وحسنه الألباني وصححه الأرنؤوط رحمهما الله]
قول الصحابي الجليل سعد بن عبادة رضي الله عنه: فأي الصدقة أفضل ؟ أي : أي أعمال الصدقات تكون أكثر أجرا وأنفع ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” سقي الماء”
ويكون ذلك بحفر بئر في مكان يحتاج الناس فيه إلى الماء ، أو شراء مبرد مياه ووضعه في المسجد أو طريق الناس، ونحو ذلك.
وقيل: إنما كانت سقيا الماء أفضل الصدقات ، لقلة الماء حينئذ ، وما تعرف به تلك البلاد من شدة الارتفاع في الحرارة ، فالحاجة للماءتتقدم على سائر المنافع سواها. وقيل : بل إنها الأفضل على الدوام ، لأنه لا غنى عنها في كل زمان ومكان.[ الدرر السنية]
وفي الحديث إشارة إلى إنفاذ سعد رضي الله عنه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نصحه به في أمر الصدقة وأفضلها.
وفي الحديث الحث على بذل الصدقة للأموات.
وفيه: الحث على الاجتهاد في عمل أفضل الصدقات وما تدعو إليه الحاجة والأنفع للناس في كل زمان.
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته ، علما علمه ونشره ، وولدا صالحا تركه ، ومصحفا ورثه ، أو مسجدا بناه ، أو بيتا لابن السبيل بناه ، أو نهرا أجراه ، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته ، يلحقه من بعد موته.”
[ رواه ابن ماجه 242 واللفظ له وابن خزيمة 2490 بنحوه ، وحسنه الألباني ]
قوله: “أو نهرا أجراه” أي: أخرجه واستنبط ماءه، وجعله يجري بالخير والماء.
ويدخل فيه ما لو أجرى جدولا صغيرا من الماء للمحتاجين من المسلمين ، أو مدد مأسورة ماء إلى الجيران وغيرهم.
وفي الحديث بيان فضل الله تعالى على عباده المؤمنين ، حيث جعل بعض أعمالهم لاتنقطع بعد الموت ، بل جعلها جارية ما دام أثرها قائمة.
وفيه: الترغيب في الصدقة الجارية في الحياة ، لينتفع بها بعد موته.
وفي لفظ ” سبع تجري للعبد – وفي رواية أجرهن- بعد موته وهو في قبره : من علم علما ، أو كرى ( أجرى) نهرا ، أو حفر بئرا ، أو غرس نخلا ، أو بنى مسجدا ،أو ورث مصحفا، أو ترك ولدا يستغفر له بعد موته.”
[ رواه البزار 7289 وابن أبي داود في المصاحف ص 463 عن أنس بن مالك رضي الله عنه. وقال الألباني في صحيح الترغيب 73، 2600 : حسن لغيره ]
3- سقي الماء أسهل طريق لمغفرة الذنوب:
قال إسحاق بن التمار رحمه الله: من كثرت ذنوبه فعليه بسقي الماء، وقد غفر الله ذنوب الذي سقى الكلب ، فكيف بمن سقى رجلا مؤمنا موحدا وأحياه.
[ تفسير القرطبي 7/ 215]
اللهم وفقنا للإكثار من عمل الصدقات الجارية التي تبقى منفعتها في الناس ، والتي تجري لنا أجورها بعد مماتنا ، اللهم آمين.
حرره العبد الفقير إلى عفو ربه المولى القدير عبدالحليم بن محمد بلال أبومصعب ، بالرياض.
الجمعة ، الثالث من جمادى الأولى، 1445 ھ