في بيان سنة الاحتفاء أحيانًا
من السنن النبوية الشريفة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل بها أحيانًا، وهجرها كثير من الناس كليا، سنة الاحتفاء أحيانًا، وهو أن يمشي الرجل حافيا بدون حذاء أحيانا. وفيما يلي بيان ذلك:
1- عن عبدالله بن بريدة أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رحل إلى فضالة بن عبيد وهو بمصر، فقدم عليه، فقال: أما إني لم آتك زائرا، ولكني سمعت أنا وأنت حديثا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، رجوت أن يكون عندك منه علم، قال: وماهو؟ قال: كذا وكذا، قال: فما لي أراك شعثا وأنت أمير الأرض؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهانا عن كثير من الإرفاه، قال: لا أرى عليك حذاء؟ قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نحتفي أحيانا.
[رواه أبو داود 4160 واللفظ له والنسائي 5239 وأحمد 23969 ، وصححه الألباني وشعيب الأرنؤوط]
الاحتفاء: أن يمشي الرجل حافيا، أي بدون حذاء.
قال المحدث العظيم آبادي: أن نحتفي: أن نمشي حفاة [عون المعبود على شرح سنن أبي داود 1895/2] وانظر معناه في النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير ص 311 مادة:حفا.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى: السنة أن يمشي الإنسان حافيا في بعض الأحيان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن كثرة الإرفاه، ويأمر بالاحتفاء أحيانًا.
[الباب المفتوح 107]
وكذا من السنة أن يترك الرجل شعر رأسه ولحيته مفرقا غير مرجل ولا ممشط في بعض الأحيان، لأنه من الإرفاه، كما في الحديث المذكور.
قال العظيم آبادي: قوله: شعثا بفتح فكسر، أي متفرق الشعر غير مترجل في شعرك ولا متمشط في لحيتك.
قال: وقوله: كان ينهانا عن كثير من الإرفاه بكسر الهمزة على المصدر ، بمعنى التنعم ، أصله من الرفه، وهو أن ترد الإبل الماء متى شاءت ، ومنه أخذت الرفاهية ،وهي السعة والدعة والتنعم، كره النبي صلى الله عليه وسلم الإفراط في التنعم من التدهين والترجيل على ما هو عادة الأعاجم، وأمر بالقصد في جميع ذلك، وليس في معناه الطهارة والنظافة، فإن النظافة من الدين، قال الحافظ: القيد بالكثير في الحديث إشارة إلى أن الوسط المعتدل من الإرفاه لايذم، وبذلك يجمع في الأخبار. انتهى.[عون المعبود 1895/2]
اللهم اجعلنا من العاملين بسنن رسولك المصطفى وحبيبك المجتبى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والعاضين عليها بالنواجذ. إنك على كل شيء قدير وبالإجابة جدير. آمين يا أرحم الراحمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
حرره العبدالفقير إلى عفو ربه المولى القدير:
عبدالحليم بن محمد بلال أبومصعب
الاثنين: 1444/12/29ھ