ببالغ الحزن والأسى تلقينا نبأ وفاة الشيخ المحقق العلامة عزيز شمس من مكة المكرمة دارِ إقامته، فإنا لله وإنا إليه رجعون
كان رحمه الله ذا خبرة عالية في تحقيق المخطوطات وإطلاع واسع على أماكن وجودها في العالم. و أمضى سنوات طويلة في العناية بتراث شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله.
حقا غربت “شمس” من شموس العلم والتحقيق والمعرفة.
كان رحمه الله من الهند، ولكن بعد تخرجه من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، التحق بجامعة أم القرى و أقام في مكة المكرمة. ثم بقي يخدم العلم هناك في البلد الأمين طوال حياته.
والشيخ رحمه الله كان من أشهر علماء الهند المعاصرين المعنيين بقضايا التراث وتحقيق المخطوطات، ولد في ولاية بنغال الغربية في الهند عام 1957م، اعتنى أثناء طلبه للعلم تعلم اللغات الحية، فأتقن عدة لغات، منها: اللغة العربية، والإنجليزية، والفارسية. وله العديد من المؤلفات والتحقيقات، منها:
حياة المحدث شمس الحق وآثاره، والجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون، وأعلام أهل الحديث في الهند (بالأردية) غير مطبوع.
وقد قال عنه الدكتور علي العمران – وهو من زملائه في تحقيق تراث شيخ الإسلام وتلميذه وغيرهما من الأعلام-:
“عرفت الشيخ الأستاذ محمد عزير شمس بكتبه وبعلمه قبل أن أعرف بشخصه وأخلاقه. ويعود لقائي به لأول مرة إلى نحو ثمان سنوات خلت في أواخر عام 1417هـ بمكة المكرمة وقد حفزني على لقائه والتعرف عليه ما سمعته من شيخنا العلامة (بكر بن عبدالله أبوزيد) من الثناء عليه. ومنذ ذلك الحين توثقت الصلة بيننا وازداد توثقها بعد أن اشتركنا في العمل على عدة كتب كان أولها كتاب ((الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون)) ثم في تحقيق ((تقييد المهمل وتمييز المشكل)) وأخيرا ً في كتاب ((تنبيه الرجل العاقل .. )) لشيخ الإسلام ابن تيمية.
وقد عرفت من أخلاقه الحسنة الكثير فهو دمث الأخلاق، لين العريكة، قليل التكلّف، متقللا من كثير من المظاهر، دائم النفع لطلبة العلم والباحثين ولو كان في ذلك إجحاف بوقته أو بأعماله الخاصة، وقد شهدت من ذلك بنفسي شيئا كثيرا .. وكثيراما يقصده الباحثون للأستفادة منه في قسم المخطوطات بجامعة أم القرى، فيفيدهم منشرح النفس غير متبرم من أحد.
أما الناحية المعرفية فهو واسع الأطلاع في مختلف العلوم الإسلامية ذو معرفه كبيرة بالمكتبة التراثية وما طبع من الكتب ومالم يطبع، ذودراية واسعة بالمخطوطات وفهرستها، فقد عمل في ذلك سنوات طويلة تزيد على العشرين، اكسبته معرفة بالخطوط وأنواعها يفك عويصها ومغلقها .. ولاأدل على ذلك مما تميز به من قراءة مسوّدات كتب شيخ الإسلام ابن تيمية التي استعصت على الكثير من الباحثين والمحققين.
وللشيخ معرفة متميزة باللغة وعلومها خاصة – العروض- وله بالدواوين الشعرية والمجاميع الأدبية عناية ظاهرة، يشهدكم بذلك من له معرفة بهذه الأمور من المختصين. وبالجملة فالشيخ من أكثر من رأيتهم عناية بالتراث ومعرفة بقيمته وتفانيا في خدمته ويشهد بذلك كل من عرفه أو جالسه”.
ثم نعاه عند وفاته بقوله:
“توفي الليلة أخي وزميلي الشيخ محمد عزير شمس الحق. غفر الله له ورحمه، وجزاه خيرا على ما قدم من خدمة للتراث ولتراث الشيخين ابن تيمية وابن القيم على الخصوص. وقد ترافقنا في رحلة العلم والتحقيق أكثر من خمس وعشرين سنة. إنا لله وإنا إليه راجعون”
ثم تابع هذا الزميل الوفي بتغريدة أخرى يقول فيها:
“أيها الكرام: مَن كان له عند الشيخ محمد عزير شمس دَين أو حقوق، فليعف و يسامح، أو يتواصل معي على الخاص أو الإيميل.. نسأل الله له المغفرة والرحمة”.
ومن أوائل من غرد بنبأ وفاته الأستاذ الدكتور عاصم القريوتي، فقال- حفظه الله-:
“وفاة الشيخ المحقق أخينا فضيلة الشيخ محمد عزيز بن شمس الحق قبل قليل.
ولله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء بقدر، غفر الله له، وتجاوز عنه، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
عزاؤنا لأهل الحديث ومحبيه وطلبة العلم”.
وأخبر بلديه الشيخ الدكتور وصي الله عباس مدرس الحرم المكي حفظه الله عن قصة وفاته بمايلي:
“توفي البارحة مع أذان العشاء الأخ الحبيب العلامة المحقق المتفنن الدكتور عزير شمس في مجلس منزله. وكان مع بعض طلبة جدد جاءوا لزيارته فكان ينصحهم ان يخلصوا نياتهم ويكونوا مع الله ويجتهدوا في الطلب والتحصيل، إذ سمع أذان العشاء فأراد أن يقوم فسقط أمامهم على الزربية. وكان في المجلس أحد الأطباء الهنود الذي كان دعاه لطعام العشاء، فجاء ليأخذه إلى بيته فكشفه في حينه بعد دقائق فوجده قد توفاه الله. فطلبوا الإسعاف فجاء الفريق وقرروا أنه توفي ولا حاجة للاسراع به إلى المستشفى. وقرر أهله أن يكون الدفن في فجر الإثنين غدا إن شاء الله؛ لأن أحد أبنائه يدرس في ألمانيا ويرجى وصوله إلى مكة الليلة القادمة.
اللهم اغفر له وارحمه واعف عنه واغفر ذنوبه وارفع درجاته في الصالحين و تقبل اعماله بقبول حسن آمين يا رب العالمين.
والمتوفى رحمه الله مشهور بين طلبة العلم في البلا د الاسلامية والمسلمين باعماله العلمية جعل الله ثوابها جارية له آمين”.
ومن المغردين بنبأ وفاته، فضيلة الدكتور عبد العزيز الشائع، فنعاه بقوله:
“لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجلٍ مسمى. توفي اليوم الشيخ المحقق #محمد_عزير_شمس ( ١٣٧٧- ١٤٤٤هـ)
صاحب التحقيقات الثرية على تراث #ابن_تيمية. رحمه الله وغفرله، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء. اللهم عافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، وأدخله الجنة، وقه عذاب النار”.
وغرد الشيخ إبراهيم بن عبد الله الحازمي حفظه الله قائلا:
“وفاة العالم المحقق المتقن المحدث الهندي الشيخ محمد -عزيز -بن شمس الحق رضاء الله الهندي. اليوم السبت ١٥/١٠/٢٠٢٢ في مكة المكرمة التي سكن فيها سنوات من حياته وعمره في تحقيق المخطوطات وكتب التراث وخاصة مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن قيم الجوزية. وهو من مواليد الهند عام ١٩٥٧م وتخرج من الجامعة السلفية من هناك. وهو رحمه الله يجيد ٥ لغات: منها الفارسية والعربية والانجليزية .ويعتبر من أشهر علماء الهند المعنيين بتحقيق التراث. له مؤلفات وتحقيقات كثيرة ذكرتها في ترجمته الموسعة والكاملة في كتابي: موسوعة -أعلام -القرن ١٤ و١٥”.
وغرد حساب “كناشة المغربي” بمايلي:
“تشعر أن أركان الأمة تتهاوى برحيل العلماء…إنا الله وإنا إليه راجعون
وفاة الشيخ المحقق الهندي البنغالي المدني محمد عزيز شمس.. واجب الوقت تعلم العلم وبثه ونشره، وإلا فبأي شيء تستنير دروب وجنبات هذه الأمة إذا أطفئت سرج ولم نوقد غيرها”.
وقال الإعلامي الدكتور عبد الرحمن قائد:
“رحم الله أخانا الشيخ الجليل المحقق المتفنن #محمد_عزير_شمس وغفر له وأكرم نزله ورفع درجته في عليين، كان غاية في التواضع والسماحة والبذل وحسن الخلق مع علم واسع واطلاع غزير وإنصاف وسداد. وهذه حلقات حوارية في سيرته وحياته ورحلاته وطلبه للعلم“.
وقال أ.د محمد بن علي الغامدي حفظه الله:
“أحسب الشيخ العالم المحقق #محمد_عزير_شمس رحمه الله كان من أعلم أهل الأرض بتراث الإمام ابن تيمية مخطوطه ومطبوعه مع تحرير للناقص والساقط من بعضه، ومن جلس إليه أو استمع إلى بعض حديثه على اليوتيوب تحقق ذلك ولم ينقض عجبه من إحاطته به.
اللهم اجبر المصاب على فقده ، واخلف الأمة خيرا”.
ونعاه الدكتور هاني سالم الحارثي فقال:
“فقدت الساحة العلمية عَلماً من أعلامها، ومحققاً فذاً، وخرِّيتاً بارعاً بالمخطوطات، مع تواضع جم وبذل سخي يالعلم والفائدة ومحبة الخير والحرص على العلم إنه الشيخ السلفي الأثري #محمد_عزير_شمس، من مدرسة أهل الحديث بالهند رحمه الله وغفر له وتجاوز عنه”. ثم ذكر الحارثي قصته مع شيخه محمد سليمان البسام رحمه الله عند ما اطلع على “قاعدة في الاستحسان” لابن تيمية بتحقيق الشيخ محمد عزير رحمهما الله، وقارن المطبوع بالمخطوط فتبسم وقال: هذا ساحر!! يعني المحقق #محمد_عزير_شمس؛ وذلك لصعوبة خط شيخ الإسلام وتمكنه من قراءة المخطوط وضبط نصه.رحم الله شيخنا محمد البسام والشيخ #محمد_عزير_شمس”.
وقال وليد بن عبده الوصابي:
“نمي إلي الآن، وفاة المحقق محمد عزير شمس، عن ٦٥ سنة، قضاها في العلم والتحقيق. وهو خرّيت ماهر، وقد ضرب بسهم وافر في هذا المصعد الوعر.
عرف بتحقيقاته النفيسة الدقيقة، التي نافت العشرين! فـ “إنا لله وإنا إليه راجعون” رحمه الله رحمة الأبرار، وأسكنه جنات تجري تحتها الأنهار”.
وعبر الدكتور رياض بن سعيد عن وفاته بقوله:
“وفاة العالم المحدث المحقق صاحب الجهود العلمية السلفية #محمد_عزير_شمس الهندي، محقق كتب ابن تيمية وغيرها من كتب الحديث عرفته من عشرين سنة يتوقد أثرية وذكاء وصبراً لتحقيق الكتب السلفية وتراجم أعلام أهل الحديث في الهند متواضعاً بساماً،تذكر همته بأئمة الحديث والأثر جزاه الجنة”.
وأبدى حزنه وألمه الدكتور ذياب بن سعد الغامدي قائلا:
“لقد مات الآن: حبيبي وصديقي وزميلي محمد عزيز شمس! لقد ماتت معه نفسي وكل شيءٍ كنت أخصه به!!!! مات والله!،،، ومات معه كثير من تراث ابن تيمية!!! إنا لله وإنا اليه راجعون!!!! والله إنها فاجعة ليس لها بعد الترجيع: إلا دموع حارة ودعوات خالصة لحبيبي وقرة عيني!!”.
رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.
وقد كتب عنه بشيء من التفصيل صديقه الدكتور أكرم الندوي، فيتم إيراده هنا لنفاسته. يقول الدكتور أكرم حفظه الله:
“صدمني مساء اليوم (ليلة الأحد 20 ربيع الأول سنة 1444ه) نعي الشيخ عزير شمس العالم الكبير والمحقق البصير، صدمة دونها الصدمات، فإنا لله وإنا إليه راجعون، كان آية في البحث والتحقيق، مقتنصا لأوابد المخطوطات، وطارقا لنوادر الموضوعات، جاعلا إياها ذللا قريبة مألوفة، وبينة مكشوفة، في صبر عجيب، وثبات دائم، وكان عاليا بنفسه عن سفاسف الدنيا، غير مخلد إلى زخارفها، متجها بعقله وفكره إلى العلم، ومضحيا في سبيله أغلى الأوقات وأنفس الممتلكات، وكان مثالا للسلف الماضين في الزهد والقناعة، والتقشف والبساطة، والتواضع والخلق.
ترجمته:
هو الشيخ محمد عزيز بن شمس الحق بن رضا الله، ولد سنة 1957م في ولاية بنغال الغربية في الهند، تخرج من الجامعة السلفية في مدينة بنارس سنة 1976م، ومن الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية كلية اللغة العربية سنة 1401ه، وحصل على شهادة الماجستير من جامعة أم القرى سنة 1406هـ، وعنوان رسالته في الدكتوراة (الشعر العربي في الهند – دراسة نقدية).
ومن شيوخه: أبوه الشيخ شمس الحق السلفي (ت 1406هـ)، درس عليه الموطأ والبخاري وكتبا أخرى كثيرة، والشيخ محمد رئيس الندوي، والشيخ عبدالسلام الرحماني، والشيخ صفي الرحمن المباركفوري، وشيخنا عبدالنورالندوي، وآخرون.
وله من المؤلفات: (حياة المحدث شمس الحق وآثاره)، و(أعلام أهل الحديث في الهند) بالأردية غير مطبوع، ورسالة في حكم السبحة (بالأردية)، و(مؤلفات الإمام ابن قيم الجوزية).
وله من التحقيقات: (رفع الالتباس عن بعض الناس) للعظيم آبادي، و(غاية المقصود شرح سنن أبي داود)، للعظيم آبادي، و(مجموعة فتاوى الشيخ شمس الحق العظيم آبادي)، و(ردّ الإشراك) لإسماعيل بن عبد الغني الدهلوي، و(تاريخ وفاة الشيوخ الذين أدركهم البغوي) لأبي القاسم البغوي، و(جزء في استدراك أم المؤمنين عائشة على الصحابة) لأبي منصور البغدادي، و(روائع التراث) عشر رسائل نادرة في فنون مختلفة، و(تقييد المهمل وتمييز المشكل) لأبي علي الجياني (بالاشتراك)، و(قاعدة في الاستحسان) لشيخ الإسلام ابن تيمية، و(جامع المسائل) 5 مجلدات لشيخ الإسلام ابن تيمية، وأشياء أخرى كثيرة.
صلتي به:
تعود معرفتي به تعود إلى نحو عقدين من الزمان أو أكثر، لقيته أول ما لقيته في حجتي سنة 1423ه، وطبعت يوميات تلك الرحلة بالأردية باسم (أرمغان حج) وترجمته فيها، وكان يشتغل في قسم المخطوطات من المكتبة المركزية بجامعة أم القرى في العزيزية، فزرته في مكتبه على موعد منه، وتجول بي في الجامعة، وأطلعني على المكتبة، وساعدني في تصوير (الملخصيات) في مجلدين، وبعض أهم الرسائل، واصطحبني إلى المكتبات واشتريت من بعضها نسخة من كتاب (الإعلام بما وقع فی المشتبه للذھبي من الأوھام) للحافظ ابن ناصرالدین الدمشقی.
وأخذني في سيارته إلى منزله وأضافني على الغداء، وأراني مكتبته، فتنسمت العلم في ذلك الجو، واستمتعت بحديثه، وتغذت روحي بأفاويق المعرفة من فيضه.
وأهدى إلي تحقيقه لكتب شيخ الإسلام ابن تيمية التي لم تطبع من قبل، و(رد الإشراك) للإمام محمد إسماعيل الشهيد، و(الجزء اللطيف في المكتوب الشريف)، و(الوجازة في الإجازة)، و(جزء في استدراك أم المؤمنين عائشة على الصحابة) لأبي منصور البغدادي، بتحقيقه.
ومما سجلت عنه في الرحلة: “لقد أعجبت بالشيخ عزير شمس إعجابا بالغا، فهو ذو عقل حر متطلع، وذوق علمي رفيع، وهمة عالية، وإرادة حازمة، مولع بالبحث والدراسة، متبع للمذهب السلفي مع توسع في الفكر والنظر، وكأنه ندوي الاتجاه في تمييزه بين الأصول والفروع، والكليات والجزئيات، والتوسع في الوسائل والتصلب في الغايات، فأنست به أنسا كبيرا واطمأننت إليه اطمئنانا يثلج الصدر، بل وحصلت بيننا صداقة ومودة، وجرت بيننا مراسلات ومهاتفات، وسألني أن أرسل إليه نسخة من كتاب (تأثير الإمام ابن تيمية في آسيا الجنوب) من تعريبي، ففعلت.
ولم تنقطع صلتي بذلك النابغة منذ تعارفنا، كنا نغيب ثم نلتقي بعد الغياب، وكلما زرت مكة المكرمة سعيت في لقائه، فكان أنس اللقاء يقضي على زمن الابتعاد طاويا إياه ماحيا، ومما كتبت عنه في رحلة الحج سنة 1439ه: “والشيخ عزير محقق شهير، بلوت ضرائبه من المحققين، فقلما رأيت له ضريبا، نال من الفضل حظا ومن المجد نصيبا، وهو أستاذ أرهاط متعاقبة من المحققين، وشيخ جماعات متتابعة من الباحثين، يزينه صالح الأخلاق، والتواضع والكرم، نفع الله به”.
ثلمة لا تسد:
لقد فارقنا علماء كثير خلال الأعوام الأخيرة فتأسفنا على فراقهم وحزنا على فواتهم، ولا أدري ما الذي يدفعني إلى أن أقول: خلا بموت صاحبنا مكان لم يخل بموت غيره، إن رحيله فراغ لا يملأ، وثلمة لا تسد، وخسارة لا تعوض، ولا سيما في زماننا إذ نقصت الهمم، وضعفت المطامح، ووهنت العزائم، رحمه الله رحمة الأبرار، وأدر عليه شآبيب النعم، وأنزله فسيح الجنان، آمين يا رب العالمين”.
وأثني عليه الشيخ رياض أحمد الأثري بمقال، ومما كتبه فيه:
“غربت شمس العلم والتحقیق”
“لقد توفي (20, ربيع الأول سنة 1444ھ) البارحة المحقق الكبير الباحث النحریر العلامة عزير شمس الهندي المكي في مكة مكرمة .
فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ولد الشيخ سنة 1957ء في ولاية بنغال الغربية في أسرة دينية و علمية.وكان أبوه الشيخ شمس الحق السلفي عالما كبيرا في عصره.
ودرس الشيخ عزير في مدارس متعددة. منها الجامعة السلفية بنارس الهند ،تخرج من الجامعة السلفية سنة 1976ء،ثم التحق بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وتخرج منها سنة 1402ھ.
وحصل على شهادة الماجستير من جامعة أم القرى مكة مكرمة سنة 1406ھ۔
ومن أشھر شیوخه: أبوه الشيخ شمس الحق السلفي ،والشيخ محمد رئيس الندوي الهندي،والشيخ عبد السلام الرحماني، والشيخ صفي الرحمن المباركفوري وغيرهم.
و كان الشيخ محققا كبيرا،وعالما عظيما ومؤرخا بارعا، وباحثا بصيرا.
وكان غاية في التواضع والسماحة والبذل وحسن الخلق مع علم واسع واطلاع غزير.
وقد عرفت الشيخ بكتبه ومقالاته، وأول مقاله الذي قرأته كان عن “جهود الشیخ المحدث عطاء اللہ حنیف رحمه الله و طريقة تحقيقه للتراث”المنشور في مجلة “الاعتصام ” لاهور باكستان.
تعرفت عليه بقراءة هذا المقال العلمي والتحقيقي. ثم لقیته أول ما لقيته في عمرتي سنة 1436ھ حينما رحنا إلى الحرمين الشريفين مع كبار علماء باكستان. ويسر الله لي في هذا السفر المبارك جليسا صالحا أعني الشيخ عمر فاروق السعيدي حفظه الله .
اتصلنا بالشيخ عزير شمس فأخبرناه نحن نشتاق لزيارتكم. ففرح جدا و رحب بنا.ثم أخذنا في سيارته إلى مكتبه وأجلسنا في مكتبه و جعل الشيخ يتحدث مع الشيخ عمر فاروق السعيدي وكانا يذكران أياما ماضية.
وقدمت للشيخ بعض كتبي فشجعني وقال: قرأت كتابك عن حياة الشيخ عبد التواب المحدث الملتاني وخدماته. ثم ذهب بنا إلى المطعم الباكستاني لتناول الغداء. ثم أخذنا في سيارته إلى منزله، وأرانا مكتبته الشخصية، وأطلعنا على تحقيقاته الأنيقة. واستمتعنا بحديثه الحلو، وأرانا أول نسخة” تقوية الإيمان “للإمام محمد إسماعيل الشهيد. ففي ذاك الوقت لقد أعجبت بالشيخ عزير شمس إعجابا بالغا، فأنست به أنسا كبيرا.
ثم لما التحقت بمعهد إعداد الأئمة والدعاة مكة مكرمة سنة 1437ء، حصلت لقاءات مع الشيخ. ولم تنقطع صلتي بذالك المحقق الكبير والباحث النحرير منذ تعارفنا.لما عدت إلى وطني باكستان جرت بيننا مراسلات. وأرسل الشيخ نسخة من كتاب “زاد المعاد من هدي خير العباد” لابن القيم رحمه الله بيد الأخ أبي بكر رفيق.
كان الشيخ رحمه الله متواضعا بساما، وحليما، وكريما ،واسع الاطلاع في مختلف العلوم الإسلامية . وكان من تواضعه إعطاء الوقت لكل أحد، وكل واحد يستفيد من علمه.
وكان خطيبا متمكنا من اللغة العربية والأردية، وكان يلقي محاضرات علمية في اللغة العربية بطلاقة.
وقضى الشيخ عمره في العلم والتحقيق وعرف بتحقيقاته النفسية الدقيقة التي أضاءت مجالس العلم.
حقا لقد غربت اليوم “شمس ” من شموس العلم والتحقيق في وادي أم القرى.
إنا لله وإنا إليه راجعون
رحمه الله رحمة الأبرار ،وأسكنه
جنات تجري من تحتها الأنهار.
يا عزيز يا غفار”.
بعض محاضراته والدروس والأوراق من عمره
١-عن تحقيق كتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
٢- تقرير مكانة السنة النبوية والرد علي تشكيكات الملاحدة في تراث شيخ الاسلام ابن تيمية
٣- دور علماء الهند في حفظ السنة النبوية
٤- تجربتي في التحقيق والبحث في كتب الشيخين ابن تيمية وابن القيم
٥- المدخل إلى تحقيق نصوص التراث
٦- البحث في المعاجم والقواميس
٧- تفسير سورة القمر
حلقات عن سيرته في برنامج أوارق العمر:
لمحات من سيرته بالأردية والإنجليزية