السؤال

طلقت امرأتي ثلاثا من أجل خصومة عائلية وأنا غضبان، وذلك في الخامس من يونيو سنة ٢٠٢٠م تمام الساعة العاشرة ليلا، ثم ذهبت امرأتي إلى بيتها، فانطلقنا نحن ثلاثة أو أربعة إلى بيتها قبل ثلاثة أو أربعة أيام، وتم الصلح بيننا، واتفقنا على العشرة معا. وفي ذلك المجلس سألنا السيد عزيز الرحمن عن ذلك، فقال بأنه طلقة واحدة، ولك الرجوع، فجئت بامرأتي إلى بيتي، فأرجو توجيهكم هل لي من حق في الرجوع أم لا؟

وأنا أحلف أني كنت بريلويا، لكني تبت الآن، وأعهد السلوك على منهج القرآن والسنة، وسأعرض عليكم صلاتي حين آتي للحصول على الفتوى الخطية، بإذن الله. (شاهد علي، أبو الخير، كوت عبد المالك، بمديرية شيخوفوره)

الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد!

  • مسألة الطلاق من المسائل الحساسة، ومع ذلك نحن نتساهل في هذا الأمر، فتعودنا على التطليق ثلاثا بدفعة واحدة من أجل اختلاف عائلي يسير، مع أن طريقة الطلاق هذه كانت مبغوضة عند النبي صلى الله عليه وسلم أشد البغض، بل عدَّها من اللعب بكتاب الله. (سنن النسائي،الطلاق:3430)

وبالنظر إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم نجد أن الطلاق الثلاث في مجلس واحد يعد طلاقا واحدا رجعيا، بشرط أن يكون هذا الطلاق أولا أو ثانيا، والأدلة كما يلي:

  • عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة. فقال عمر بن الخطاب:

إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم. (صحیح مسلم، الطلاق،1472)

وكان صنيع عمر رضي الله عنه هذا صنيعا تعزيريا سياسيا، كما أقره غير واحد من أكابر علماء الأحناف. (انظر: جامع الرموز، کتاب الطلاق. وحاشیة الطحطاوی على الدر المختار)

(2) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: طلق ركانة بن عبد يزيد أخو بني المطلب امرأته ثلاثا في مجلس واحد، فحزن عليها حزنا شديدا. قال: فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كيف طلقتها؟” قال: طلقتها ثلاثا. قال: فقال: “في مجلس واحد؟” قال: نعم. قال:

“فإنما تلك واحدة، فارجعها إن شئت”. قال: فرجعها. (مسند أحمد:ص 123/4 ، ت: أحمد شاکر)

قال ابن حجر: هذا الحدیث نص فی المسئلة لا یقبل التأویل. (فتح الباری : 362/ 9)

  • وقد أفتى بهذه الأحاديث بعض علماء الأحناف، منهم: كرم شاه الأزهري، وعبد الحليم القاسمي، وحسين علي من مدينة وان بجران، وأحمد الرحمن من إسلام آباد، والبروفيسور محمد أكرم. (انظر بالتفصيل كتاب “ايك مجلس مين تين طلاق” بالأردية.)
  • على كل حال، نظرا إلى هذه الأدلة يجوز لمسلم متحمس طلق ثلاثا في مجلس واحد أن يراجع زوجتها بدون نكاح جديد أثناء العدة، وأن يراجعها بنكاح جديد إذا انقضت العدة، وهذا هو حكم الكتاب والسنة، وبه تقضي البلاد الإسلامية الأخرى والقوانين العائلية المعاصرة.
  • وقد تقرر بالتفصيل المذكور أنك كنت أهلا للتراجع، وقد تراجعت، وقد أحسنت إذ استفتيت عالما ثم فعلت ما فعلت، وأنت جدير بالثناء إذ وعدت تعلم القرآن والسنة والسلوك بهما.

ونحن نلتمس منك أيضا أن تتفكر في وجوه فقد الأعصاب حال الغضب والفرح والحزن، وأن تواظب على الصلاة والصوم والذكر وتلاوة القرآن، وأن تتصدق حينا فحين، وأن تحسن مع الأقرباء. وبيمن هذه الحسنات نرجو من الله أن يذهب عنك جميع مصائبك وآفاتك، وندعو الله أن يعطي جميع عائلتك حياة طويلة مليئة بالسعادة والبر والتقوى. آمين.

 

أسماء أصحاب الفضيلة المفتين

فضيلة الشيخ عبد الستار الحماد حفظه الله (رئيس)

فضيلة الشیخ مبشر أحمد الرباني حفظه الله  (نائب)

فضيلة الشيخ عبد الحليم بلال حفظه الله

فضيلة الشيخ جاويد إقبال السيالكوتي حفظه الله

نقله إلى العربية: فضيلة الشيخ محمد حامد حفظه الله