السؤال

أختي متزوجة، وقد تم زواجها قبل خمسة أعوام، ولها خمسة أولاد، وقبل سنتين بدأ عقلها يتغير، والآن صارت مجنونة منذ سنة، وقد طلقها زوجها قبل شهر ونصف، وزوجها صحيح عاقل، لكن زوجته مجنونة تماما، فهل يقع الطلاق في هذه الحالة؟ وإذا كان الجواب بالإثبات فما هي طريقة الرجوع؟

(محمد أرسلان، رام فوره، لاهور)

الجواب

الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده!

  • إن حق الطلاق للزوج، فإن كان الزوج عاقلا سليما وقع الطلاق، ولا يجب للزوجة أن تكون عاقلة فاهمة. إلا إذا طلبت امرأة الخلع، فحينئذ يجب لها أن تكون عاقلة سليمة.
  • كذلك الرجوع حق للزوج، فله أن يرجع متى شاء بالصلح مع الزوجة، بشرط أن لا تنتهي عدة الرجوع، كما قال تعالى:

((وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ).

وفي آخر الآية:

((وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا)) (سورة البقرة:228)

فمن ثم يحق للزوج أن يتراجع في العدة، ولا حاجة إلى نكاح جديد ومهر جديد، لكنها تعتبر طلقة واحدة.

أما إذا أراد المرء الرجوع بعد انقضاء العدة فعليه بنكاح جديد؛ لأن النكاح ينقضي بانقضاء العدة، كما قال تعالى:

وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ. (سورة البقرة:232)

فتبين أن لهما أن يعيشا معا بنكاح جديد بعد انقضاء العدة، بشرط أن تكون الزوجة راضية للنكاح الجديد؛ لأن رضا الزوجة شرط كما أن إذن الولي شرط، كما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا»؟ قَالَ: نَعَمْ. (سنن أبي داؤد :۲۰۹۸)

ولا بد من مهر جديد، لأن المهر الأول ينقضي بانقضاء النكاح، ويشترط أن لا يكون النكاح سرا، بل يجب له الشهود.

  • وينبغي التنبيه على أن الرجوع في العدة أو النكاح بعد انقضائها لا يكون إلا في الطلقة الأولى والثانية، أما في الطلقة الثالثة فلا رجوع ولا نكاح، ويبقى أن تتزوج المرأة رجلا آخر على التأبيد، ثم مات زوجها أو طلقها فلها أن تتزوج بالزوج الأول، وإلا فلا.
  • كما تقدم أن للرجل أن يتراجع في العدة، فإن كان صلحا مع الزوجة فحسن، وإلا فلا اشتراط لإذنها، أما إذا انقضت العدة فلا بد من إذن المرأة مع الرجل، كما تقدم.

وإذا كانت الزوجة مجنونة غير عاقلة فيلتمس إذنها بالآثار والقرآن؛ لأن الإنسان لا يستقر في الجنون، فإن علم الرضا أو عدمه فخير، وإلا فينكحها أبوها أو أخوها.

  • وفي الأخير نوصي الزوج الذي طلق زوجته لجنونها أن يتقي الله ويراجعها، ويقوم بعلاجها ما استطاع، وأن يتولى شأنها. فإن للمريض حقوقا كائنا من كان، أما هذه فهي زوجته وأم خمسة أولاد له، وإن نعم الله وما أعطانا من الوسائل في زمننا متوالية، وقد اكتشفت طرق علاج جديدة، وكثيرا ممن نتركهم لكونهم مجانين لو نهتم بهم قليلا لعاشوا عيشة العقلاء، فعليه أن يستشير طبيبا بارعا أو حكيما ماهرا، وأن يطلب الدعاء من رجل صالح ويسترقي لها، وأن يدعو الله بنفسه متضرعا وخاشعا في الأوقات المستجابة فيها الدعاء أن يشفيها ويعطيها الصحة والعافية.

وعلينا أن نتذكر دائما أن الصحة والعافية بيد الله، وأن الله يعطي هذه النعمة لمن يشاء متى شاء، وينزعها عمن يشاء متى شاء، فعلينا أن نشكر الله دائما على نعمة الصحة والعافية، وأن نخدم ما استطعنا المحرومين من هذه النعمة، لا أن نتركهم تائهين حائرين تقذرا منهم، هدانا الله وإياكم جميعا.

أسماء أصحاب الفضيلة المفتين

فضيلة الشيخ أبو محمد عبد الستار الحماد حفظه الله (رئيس)

فضيلة الشيخ عبد الحليم بلال حفظه الله

فضيلة الشيخ جاويد إقبال السيالكوتي حفظه الله

فضيلة الدكتور عبدالرحمن يوسف المدني حفظه الله

فضيلة الشيخ سعيد مجتبى السعيدي حفظه الله

فضيلة الشيخ أبو عدنان محمد منير قمر حفظه الله

فضيلة الدكتور حافظ محمد إسحاق زاهد حفظه الله

نقله إلى العربية: فضيلة الشيخ محمد حامد حفظه الله