السؤال
جمهورية باكستان الإسلامية تعزم بناء معبد هندوسي في عاصمتها “إسلام آباد”، فهل يجوز بناء المعابد الوثنية في الإسلام؟ لا سيما إذا تولى أمر بنائها بلدة إسلامية؟
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد:
فإن الله سبحانه وتعالى بعث النبيين قاطبة، من لدن آدم إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ لنشر التوحيد وقمع الشرك، فلم تقم بلدة إسلامية في مكان إلا وأزيل منه الوثن، ولم يحتمل أصحابها الوثنية، وهذه هي الملة الإبراهيمية، وتقتضيها الشريعة المحمدية، فلا يجوز بناء معابد لغير المسلمين في بلدة إسلامية، اللهم إلا بناء الكنائس والبيع لأهل الكتاب بشرائط مخصوصة، لكن المعابد الوثنية للمشركين التي يعبدون الأصنام والنيران فيها، لا يجوز إبقاؤها في حال بعد دخول أمصارهم في البلاد الإسلامية، إلا إذا دخل المسلمون فيها بغير حرب وقتال، وتم التعاقد بينهم وبين المشركين على عدم إزالة معابدهم الوثنية، ولا يسمح لهم أيضا في هذه الحالة بناء معابد جديدة، إلا أن يسكنوا بمعزل عن سكنى المسلمين، وعلى هذا فلا يجوز بناء معبد وثني أو كليسة نصرانية في جمهورية باكستان الإسلامية، لا سيما في عاصمتها التي مصّرها حاكم مسلم.
والأدلة على ذلك متوافرة من الكتاب، والسنة، وآثار الصحابة والتابعين، وأقوال الأئمة المجتهدين، ودونك بعضا منها على الترتيب:
- الآيات القرآنية:
- يجب على الحاكم المسلم في البلدة الإسلامية أن يقوم بمهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال تعالى:
{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: 41]
فإزالة الفواحش والمنكرات والقضاء على الظلم والغشم من واجبات الحاكم المسلم، والشرك بالله هو أعظم المنكرات وأكبرها، كما قال تعالى:
{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[سورۃ لقمان: 13]
- واستئصال الكفر والشرك من المجتمع أساس لتعزيز الخلافة، وقيام الأمن، وغلبة الدين، كما قال تعالى:
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [سورة النور:55]
فالذين وعد الله استخلافهم في الأرض، وتمكين الدين لهم، وتبديلهم من بعد خوفهم أمنا هم الذين اتصفوا بالإيمان والأعمال الصالحة، ولم يعبدوا إلا الله، ولم يشركوا به شيئا، حتى يتمكنوا بعد حصولهم على الخلافة والملك من إنشاء مجمتع مؤمن يعمل بالأعمال الصالحة، وينشروا التوحيد، ويزيلوا الشرك؛ لأن إزالته والنهي عنه أول الواجبات المتعلقة بالنهي عن المنكر، وهذا أول واجب على حاكم مسلم.
- قال تعالى متحدثا عن الأسوة الإبراهيمية:
{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [سورة الممتحنة: 4]
وقال تعالى وهو يخاطب المسلمين:
{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [سورۃ الحج: 30]
وقال أيضا:
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [سورۃ المائدۃ: 90]
فجعل الله سبحانه وتعالى الأوثان والأنصاب من عمل الشيطان، وأمر بالاجتناب منها اجتنابا كليا، فما بال الوثنية، وبناء المعابد الشركية وتعميرها؟!
- الأحاديث النبوية:
اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم إزالة الشرك والوثن شعارا له امتثالا للملة الإبراهيمية، وقضى على الشرك بأنواعه، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما:
إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَى الصُّوَرَ فِي البَيْتِ لَمْ يَدْخُلْ، حَتَّى أَمَرَ بِهَا فَمُحِيَتْ. [صحیح البخاری: 3352]
وقال أبو الهياج الأسدي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال له:
أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ «أَنْ لَا تَدَعَ تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتَهُ، وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتَهُ». [صحیح مسلم:469]
- آثار الصحابة:
- أثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
من شروط أهل الذمة التي اشترطها عليهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه المعروفة بالشروط العمرية:
«أَنْ لاَ نُحْدِثَ فِى مَدِينَتِنَا وَلاَ فِيمَا حَوْلَهَا دَيْرًا وَلاَ كَنِيسَةً وَلاَ قَلاَّيَةً وَلاَ صَوْمَعَةَ رَاهِبٍ، وَلاَ نُجَدِّدَ مَا خَرِبَ مِنْهَا، وَلاَ نُحْيِىَ مَا كَانَ مِنْهَا فِى خِطَطِ الْمُسْلِمِينَ». [مسند الفاروق: 2/334 برقم 663]
- أثر عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:
سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ أَمْصَارِ الْعَرَبِ، أَوْ دَارِ الْعَرَبِ: هَلْ لِلْعَجَمِ أَنْ يُحْدِثُوا فِيهَا شَيْئًا؟ قَالَ:
أَيُّمَا مِصْرٍ مَصَّرَتْهُ الْعَرَبُ فَلَيْسَ لِلْعَجَمِ أَنْ يَبْنُوا فِيهِ بِيعَةً، وَلا يَضْرِبُوا فِيهِ نَاقُوسًا، وَلا يَشْرَبُوا فِيهِ خَمْرًا، وَلا يَتَّخِذُوا فِيهِ خِنْزِيرًا، وَأَيُّمَا مِصْرٍ مَصَّرَتْهُ الْعَجَمُ، فَفَتَحَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى الْعَرَبِ، فَنَزَلُوا، فَإِنَّ لِلْعَجَمِ مَا فِي عَهْدِهِمْ، وَعَلَى الْعَرَبِ أَنْ يُوفُوا بِعَهْدِهِمْ[1]، وَلا يُكَلِّفُوهُمْ فَوْقَ طَاقَتِهِمْ. [أحكام أهل الملل والردة: ص 346]
- آثار التابعين:
- أثر عمر بن عبد العزيز رحمه الله:
كتب عمر بن عبد العزيز أن: «يمنع النصارى بالشام أن يضربوا ناقوسا». قال: «وينهوا أن يفرقوا رءوسهم، ويجزوا نواصيهم، ويشدوا مناطقهم، ولا يركبوا على سرج، ولا يلبسوا عصبا، ولا يرفعوا صلبهم فوق كنائسهم». [مصنف عبد الرزاق: 10004]
- أثر طاوس بن كيسان رحمه الله:
قال طاوس:
«لَا يَنْبَغِي لَبَيْتِ رَحْمَةٍ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَيْتِ عَذَابٍ». [الأموال للقاسم بن سلام: 263]
وعلق أبو عبيد القاسم بن سلام على قوله فقال:
«أُرَاهُ يَعْنِي الْكَنَائِسَ وَالْبِيعَ وَبُيُوتَ النِّيرَانِ، يَقُولُ: لَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مَعَ الْمَسَاجِدِ فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ». [الأموال:124]
- أثر محمد بن سيرين رحمه الله:
نقل حبيب بن الشهيد عن محمد بن سيرين:
أنه كان لا يترك لأهل فارس صنما إلا كسر، ولا نارا إلا أطفئت. [مصنف ابن أبی شيبة: 32988]
- أثر الحسن البصري رحمه الله:
قال الحسن البصري:
«قَدْ صُولِحُوا عَلَى أَنْ يُخْلَى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النِّيرَانِ وَالْأَوْثَانِ فِي غَيْرِ الْأَمْصَارِ». [مصنف ابن أبي شيبة:32986]
- أثر عبد الله بن عبيد رحمه الله:
قال عوف بن أبي جميلة:
«شَهِدْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُبَيْدِ بْنِ مَعْمَرٍ أُتِيَ بِمَجُوسِيٍّ بَنَى بَيْتَ نَارٍ بِالْبَصْرَةِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ». [مصنف ابن أبي شيبة: 32989]
- أقوال فقهاء المذاهب الأربعة:
- الفقه الحنبلي
- الإمام أحمد رحمه الله:
قال إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل: «ليس لليهود والنصارى أن يحدثوا فِي مصر مصره المسلمون بيعة ولا كنيسة، ولا يضربوا فِيهِ بناقوس، إلا فيما كان لهم صلح». [أحكام أهل الملل والردة: ص 346]
يعني: أن البلد الذي دخل في حكم المسلمين، وهم في هدنة مع أهل الكتاب، فيجوز لهم أن يقوموا ببناء معابدهم، لكن البلد الذي مصّره حاكم مسلم مثل “إسلام آباد” فلا يصح بناء معبد لغير المسلمين فيه.
- الإمام ابن تيمية رحمه الله:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الحاكم المسلم الذي لا يقوم بواجب النهي عن المنكر: «وَوَلِيُّ الْأَمْرِ إذَا تَرَكَ إنْكَارَ الْمُنْكَرَاتِ وإقامة الحدود عليهما بِمَالٍ يَأْخُذُهُ: كَانَ بِمَنْزِلَةِ مُقَدِّمِ الْحَرَامِيَّةِ، الَّذِي يُقَاسِمُ الْمُحَارِبِينَ عَلَى الْأَخِيذَةِ، وَبِمَنْزِلَةِ الْقَوَّادِ الَّذِي يَأْخُذُ مَا يَأْخُذُهُ؛ لِيَجْمَعَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَلَى فَاحِشَةٍ، وَكَانَ حَالُهُ شَبِيهًا بِحَالِ عَجُوزِ السُّوءِ امْرَأَةِ لُوطٍ، الَّتِي كَانَتْ تَدُلُّ الْفُجَّارَ عَلَى ضَيْفِهِ، الَّتِي قَالَ اللهُ تَعَالَى فِيهَا: ﴿فَاَنْجَيْنٰهُ وَ اَهْلَهٗۤاِلَّاامْرَاَتَهُكَانَتْ مِنَ الْغٰبِرِيْنَ﴾ [الأعراف: 83] . وَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَاَسْرِ بِاَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ الَّيْلِ وَ لَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ اَحَدٌ اِلَّا امْرَاَتَكَ اِنَّهٗمُصِيْبُهَامَاۤاَصَابَهُمْ﴾ [هود: 81]. فَعَذَّبَ اللهُ عَجُوزَ السُّوء الْقَوَّادَة بِمِثْلِ مَا عَذَّبَ قَوْمَ السُّوءِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ الْخَبَائِثَ، وَهَذَا لِأَنَّ هَذَا جَمِيعَهُ أَخْذُ مَالٍ لِلْإِعَانَةِ على الإثم والعدوان، وولي الأمر إنما نُصِبَ لِيَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ، وَهَذَا هُوَ مَقْصُودُ الْوِلَايَةِ. فَإِذَا كَانَ الْوَالِي يُمَكِّنُ مِنْ الْمُنْكَرِ بِمَالٍ يَأْخُذُهُ، كَانَ قَدْ أَتَى بضد المقصود، مثل مَنْ نَصَّبْتَهُ لِيُعِينَكَ عَلَى عَدُوِّكَ، فَأَعَانَ عَدُوَّكَ عَلَيْكَ. وَبِمَنْزِلَةِ مَنْ أَخَذَ مَالًا لِيُجَاهِدَ بِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَقَاتَلَ بِهِ الْمُسْلِمِينَ». [السياسة الشرعية: ص:59،60]
وقال أيضا: «إن صلاح العباد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن صلاح المعاش والعباد في طاعة الله ورسوله، ولا يتم ذلك إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبه صارت هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس، قال الله تعالى:
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 110]
وقال تعالى:
{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 104]
وقال تعالى عن بني إسرائيل:
{كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة:79]
وقال تعالى:
{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف:145]
فأخبر الله تعالى أن العذاب لما نزل، نجى الذين ينهون عن السوء، وأخذ الظالمين بالعذاب الشديد». [السياسة الشرعية: ص:60]
والنهي عن الشرك هو أهم الواجبات في النهي عن المنكر، فالواجب على الحاكم المسلم أن يحظر على شعائر الكفر والشرك في بلاد المسلمين، ولا يتركها تنتشر في مجتمعاتهم، قال ابن تيمية رحمه الله: «والمدينة التي يسكنها المسلمون، والقرية التي يسكنها المسلمون، وفيها مساجد المسلمين، لا يجوز أن يظهر فيها شيء من شعائر الكفر: لا كنائس ولا غيرها». [مسألة فی الکنائس: ص 104]
- الفقه الشافعي
- الإمام الشافعي رحمه الله:
قال الإمام محمد بن إدريس الشافعي:
«إذا أراد الإمام أن يكتب كتاب صلح على الجزية كتب: «لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تُظْهِرُوا فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ الصَّلِيبَ، وَلَا تُعْلِنُوا بِالشِّرْكِ، وَلَا تَبْنُوا كَنِيسَةً، وَلَا مَوْضِعَ مُجْتَمَعٍ لِصَلَاتِكُمْ، وَلَا تَضْرِبُوا بِنَاقُوسٍ، وَلَا تُظْهِرُوا قَوْلَكُمْ بِالشِّرْكِ فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَلَا فِي غَيْرِهِ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ». [الأم للشافعی: 4/209]
وقال أيضا:
«أَنْ لَا يُسْمِعُوا الْمُسْلِمِينَ شِرْكَهُمْ وَقَوْلَهُمْ فِي عُزَيْرٍ وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وأَنْ لَا يُحْدِثُوا فِي مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ كَنِيسَةً وَلَا مُجْتَمَعًا لِضَلَالَاتِهِمْ، وَلَا صَوْتَ نَاقُوسٍ». [الأم للشافعی: 4/218]
- الإمام أبو الحسن الماوردي:
قال رئيس القضاة في الدولة العباسية الإمام الماوردي متحدثا عن واجبات الحاكم:
«حِفْظُ الدِّينِ عَلَى أُصُولِهِ الْمُسْتَقِرَّةِ، وَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ، فَإِنْ نَجَمَ مُبْتَدِعٌ أَوْ زَاغَ ذُو شُبْهَةٍ عَنْهُ، أَوْضَحَ لَهُ الْحُجَّةَ، وَبَيَّنَ لَهُ الصَّوَابَ، وَأَخَذَهُ بِمَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْحُقُوقِ وَالْحُدُودِ؛ لِيَكُونَ الدِّينُ مَحْرُوسًا مِنْ خَلَلٍ، وَالْأُمَّةُ مَمْنُوعَةً مِنْ زَلَلٍ». [الأحكام السلطانية: ص40]
- الإمام السبكي رحمه الله:
قال الإمام تقي الدين أبو الحسن علي بن عبد الكافي السبكي:
«لَا يَجُوزُ إحْدَاثُ كَنِيسَةٍ فِيهَا، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ إبْقَاؤُهَا فِيهَا، عَلَى الصَّحِيحِ». [فتاوى السبکی: 2/394]
- الفقه المالكي
- الإمام مالك رحمه الله:
قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس:
«لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ دَارَه مِمَّنْ يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً، وَلَا يُؤَاجِرُ دَارَه مِمَّنْ يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً». [المدونة: 3/435]
وسئل مالك: هل لأهل الذمة أن يتخذوا الكنائس في بلاد الإسلام؟ فقال:
«لا، إلا أن يكون لهم شيء أعطوه».[المدونة: 3/435]
- الطرطوشي رحمه الله:
قال الإمام أبو بكر محمد بن محمد الطرطوشي: «وأما الكنائس، فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر بهدم كل كنيسة لم تكن قبل الإسلام، ومنع أن تحدث كنيسة، وأمر أن لا يظهر علية خارجة من كنيسة، ولا يظهر صليب خارج من كنيسة إلا كسر على رأس صاحبه، وكان عروة بن محمد يهدمها بصنعاء، وهذا مذهب علماء المسلمين أجمعين، وشدد في ذلك عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، فأمر أن لا يترك في دار الإسلام بيعة ولا كنيسة بحال قديمة ولا حديثة، وهكذا قال الحسن البصري، قال: من السنة أن تهدم الكنائس التي في الأمصار القديمة والحديثة». [سراج الملوک: ص 138]
- ابن الماجشون رحمه الله:
قال ابن الماجشون: «ولا تحدث كنيسة في بلد الإسلام. وأما إن كانوا أهل ذمة منقطعين عن بلد الإسلام ليس بينهم مسلمون فذلك لهم، ولهم إدخال الخمر وكسب الخنازير. وأما بين المسلمين، فيمنعون من رم كنائسهم القديمة إذا رثت، إلا أن يكون ذلك شرطاً فى عهدهم فيوفى لهم، ويمنعون من الزيادة الظاهرة والباطنة … وهذا فى أهل الصلح. فأما فى أهل العنوة فلا يترك لهم عند ضرب الجزية عليهم كنيسة إلا هدمت، ثم لا يحدثوا كنيسة وإن كانوا معتزلين عن بلد الإسلام». [النَّوادر والزِّيادات على مَا في المدَوَّنة من غيرها من الأُمهاتِ: 3/376]
- الفقه الحنفي
- الإمام محمد رحمه الله:
قال الإمام محمد بن الحسن الشیبانی رحمه الله:«لا ينبغي أن يتركوا أن يحدثوا بِيعة ولا كنيسة، إلا ما كان من كنيسة أو بيعة قديمة، فصاروا ذمة وهي بيعة لهم أو كنيسة وهي في غير مصر من أمصار المسلمين، ولا أن يتركوا أن يسكنوا في مصر من أمصار المسلمين؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجلاهم من المدينة. وجاء عن علي رضي الله عنه أيضاً أنه أجلاهم من الكوفة …. ولا ينبغي أن يتركوا أن يبنوا بِيعة ولا كنيسة ولا بيت نار في مصر من أمصار المسلمين، ولا في غير مصر من دار المسلمين. وإن كان لهم كنيسة أو بِيعة أو بيت نار فصولحوا عليه فكان ذلك في غير مصر ترك ذلك لهم، وإن انهدم ذلك تركوا أن يعيدوه، وإن اتخذ المسلمون في ذلك الموضع مصراً أخذوا وهدمت بيعهم وكنائسهم من ذلك الموضع، وتركوا أن يبنوا مثلها في غير المصر، وبهذا القول نأخذ». [الأصل المعروف بالمبسوط: 7/549،550]
- ابن عابدین رحمه الله:
قال ابن عابدین الشامی رحمه الله:
«لَا يَجُوزُ إحْدَاثُ كَنِيسَةٍ فِي الْقُرَى، وَمَنْ أَفْتَى بِالْجَوَازِ فَهُوَ مُخْطِئٌ، وَيُحْجَرُ عَلَيْهِ». [رد المحتار على الدر المختار المعروف فتاوى شامی: 4/202]
- النسفي رحمه الله:
قال أبو البركات النسفي رحمه الله: «لا تحدث بيعةٌ ولا كنيسةٌ في دارنا». [کنز الدقائق: ص 385]
- نظام باكستان
باكستان جمهورية إسلامية، والقرار الذي اتخذه المجلس التشريعي لباكستان في عهد رئيس الوزراء النواب لياقت علي خان بتاريخ ١٢ مارس سنة ١٩٤٩م، الذي يسمى بـ”قرار الأهداف”، والذي أدخل بعده في نظام باكستان في عهد رئيس الجمهورية محمد ضياء الحق بأمر رسمي منه بتاريخ ٢ مارس سنة ١٩٨٥م حين تم التغيير الثامن في نظام باكستان، النقطة الأولى لذلك القرار والنظام:
«أن الله تبارك وتعالى هو الحاكم المطلق لهذا الكون بأسره، من غير شرك ولا نصيب، والملك الذي أعطاه الله للمملكة الباكستانية بعون من الجمهور يستخدم بأمانة وفق حدوده المحددة».
ومقتضىاه أنه لا يجوز الميل عن حدود الله لأي حاكم من حكام باكستان، ولأي إدارة من إداراتها، سواء كانت إدراة القضاء والمحاكم، أو إدارة التشريع والتنظيم، فإن تعدى أحد فيعد غادرا للنظام.
وقد جاء في الدفعة الرابعة من الباب الثالث في مشروع القانون الأول لباكستان سنة ١٩٥٤م الذي صار قانونا سنة ١٩٥٦م: «أنه لا يجوز فرض قانون يخالفه الكتاب والسنة».
وجاء بعده في الدفعة الخامسة: «أنه يقبل التفسير المقبول للقرآن والسنة الذي تفسره فرقة رافعة الأمر».
ومن هنا سميت هذه البلدة أول مرة في التاريخ القانوني البلدي بـ”جمهورية إسلامية باكستانية”، ثم قبلت هذه التسمية في الدستور الذي وضع سنة ١٩٧٣م.
وقد جعل مذهب باكستان البلدي مذهب الإسلام في المادة الثانية من نظام باكستان الذي تم نشره سنة ١٩٧٣م.
وهذه المادة صريحة بأن شؤون الدولة- سواء الفردية أو الاجتماعية- تسير حسب الإسلام، ولو كان المراد به تحكيم الإسلام في الأمور الفردية فحسب فلم تكن لهذا الإقرار حاجة على نطاق الدولة. ومن أجل ذلك فمعنى هذه المادة الوحيد أنه يجب الرجوع إلى أصول الإسلام عند التقنين والتشريع.
وقد ذكر في المادة التاسعة عشر منه أن للمواطنين أن يظهروا الحق ويعبروه، وأن الإعلام حر لا يقيد بقيد، لكن هذا كله مشروط بقوانين وقائية منفذة معقولة للحفاظ على عظمة الإسلام وشأنه.
فلما ثبت أن باكستان بلدة إسلامية، وحاكمها الأعلى هو الله، ودستورها الكتاب والسنة فإشاعة المنكرات فيها بغض النظر عن النهي عن المنكر، وتيسير السبل الموصلة إلى أعظم المنكرات المسمى بالشرك بالله، وإنشاء معابد وثنية= مخالفة صريحة لتعاليم الإسلام ودستور باكستان.
أسماء أصحاب الفضيلة المفتين
فضيلة الشيخ أبو محمد عبد الستار الحماد حفظه الله (رئيس)
فضيلة الشيخ عبد الحليم بلال حفظه الله
فضيلة الشيخ جاويد إقبال السيالكوتي حفظه الله
فضيلة الشيخ سعيد مجتبى السعيدي حفظه الله
فضيلة الشيخ أبو عدنان محمد منير قمر حفظه الله
[1] تنبيه: استخدم في أثر ابن عباس رضي الله عنهما “العرب” للمسلمين، و”العجم” لغيرهم؛ لأن العرب كافة كانوا قد دخلوا في الإسلام في عصره، في حين أن العجم أغلبهم كانوا على الشرك، فكانوا يطلقون “العرب” ويريدون به أهل الإسلام، ومثله كلمة “المغل”، فتطلق وتراد بها المسلمين في شبه القارة الهندية في عصر المغول، وكان كل مسلم يدعى بمغل في زمانهم.