الصلاة جالبة للرزق، ومنجية من الفتن، وعاصمة من المحن، و واقية من النقم

الصلاة أول عبادة بعد الشهادتين ، وهي الركن الثاني من أركان الإسلام ، وأعظم وأفضل أركانه الخمسة ، وأشرف العبادات البدنية ، ولايتحقق إيمان العبد ولايقوى دينه إلا بالمحافظة عليها ، وهي العهد والفرق بين المؤمنين والكافرين، فإن صلى العبد وداوم عليها كان من المؤمنين ، وإن تركها وضيعها كان من الكافرين ، وهي أخر وصية أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه والمسلمين ، كما أنها أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة ، والصلاة سبب في جلب الرزق ، ودفع الفتن، وإزالة المحن، وفيما يلي بيان ذلك:

🌹 الصلاة جالبة للرزق:
من الأسباب الجالبة للرزق الصلاة ، قال الله تعالى:{ وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لانسألك رزقا نحن نرزقك } [ طه ، الآية : 132 ]
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: قوله تعالى :{ لانسألك رزقا نحن نرزقك} يعني إذا أقمت الصلاة أتاك الرزق من حيث لاتحتسب ،كما قال تعالى:{ ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب} [ الطلاق ، الآيتان : 2 – 3] انظر : [تفسير القرآن العظيم لابن كثير ، ص 951]
وقال المفسر العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله : قوله تعالى :{ نحن نرزقك} أي: رزقك علينا قد تكفلنا به ، كما تكفلنا بأرزاق الخلائق كلهم ، فكيف بمن قام بأمرنا ، واشتغل بذكرنا ؟! [تفسير السعدي، ص 517]

🌹🌹 الصلاة منجية من الفتن وعاصمة من المحن والنقم:
روى البخاري والترمذي عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها قالت : استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فزعا ،يقول :” سبحان الله! ماذا أنزل الله من الخزائن ،وماذا أنزل من الفتن؟! ، من يوقظ صواحب الحجرات – يريد أزواجه لكي يصلين – رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة”
[البخاري 7969 ،1126 ، 6218 والترمذي 2196]
وفي لفظ: قالت أم سلمة رضي الله عنها: استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من الليل وهو يقول :” لا إله إلا الله، ماذا أنزل الليلة من الفتنة ، ماذا أنزل من الخزائن؟! من يوقظ صواحب الحجرات؟ كم من كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة.”
[ رواه البخاري 5844]
رأى النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة في المنام أنه سيقع بعده فتن وبلاءات ، وأنه سيفتح لأمته الخزائن ، وقد وقعت الفتن كما هو مشهور ، وفتحت الخزائن ، حيث تسلط الصحابة رضي الله عنهم على فارس والروم وغيرهما ، ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإيقاظ أزواجه للصلاة والاستعاذة مما نزل ، ليكن( بتشديد النون) أول من استعاذ من فتن الدنيا ، فلا ينبغي لهن أن يتغافلن عن العبادة ، ويعتمدن على كونهن من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم .
وفي الحديث: أن للرجل أن يوقظ أهله ليلا للصلاة والذكر ،لا سيما عند آية تحدث ، أو أثر رؤيا مخوفة.
وفيه : علامة من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم.
وفيه : أن الصلاة تنجي من الفتن وتعصم من المحن والنقم.
وفيه : التحذير من نسيان شكر المنعم ، وبيان عدم الاتكال على شرف الزوج.
وفيه: التضرع عند نزول الفتنة ، لاسيما في الليل ، طلبا لوقت الإجابة ، لتكشف الفتنة ، أو يسلم الداعي ومن دعا له.
وفيه مشروعية قول: “سبحان الله” و”لا إله إلا الله ” عند التعجب.
جمع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بين ما أنزل من الفتن وما أنزل من الخزائن . والمعنى : أن الله تعالى لما أعلمه بما يفتح على أمته من الدنيا ، خشي عليها الفتن المصاحبة لهذه التوسعة وكثرة الأموال.
واللفظ في قوله صلى الله عليه وسلم:” من يوقظ صواحب الحجرات ” وإن كان قد وقع في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن العبرة بعموم اللفظ.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى في تعليقه على الحديث: أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن من أسباب الوقاية من الفتن صلاة الليل.[ شرح صحيح البخاري لابن عثيمين، كتاب الفتن، حديث 7069 ]

🌹🌹🌹من السنة أن يفزع العبد إلى الصلاة، عند حدوث فتنة أو أمر يخوف ويحزن:
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.[ رواه أبوداود 1319 وأحمد 23299 ، كلاهما بلفظ: إذا حزبه أمر صلى . وحسنه الألباني ، كما حسنه ابن حجر في فتح الباري 205/3 وقال الأرنؤوط في تخريج أحاديث زاد المعاد 304/4 : صحيح ،كما أشار العلامة أحمد شاكر في مقدمة عمدة التفسير 110/1 إلى صحته.]
قوله: إذا حزبه أمر صلى أي : إذا أحزنه أمر أو أصابه هم لجأ إلى الصلاة ، سوا كانت فرضا أو نافلة ، لأن في الصلاة راحة وقرة عين له ، وهذا مصداق قوله تعالى : { واستعينوا بالصبر والصلاة} [ البقرة ، الآية : 45] وهذا من تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ، فإنه كان صلى الله عليه وسلم يعلمهم حسن التوكل على الله ، واللجوء إلى الصلاة عند النوائب.

🌹🌹🌹🌹 ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في النوائب:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر قال :” ياحي يا قيوم برحمتك أستغيث”
[ رواه الترمذي في السنن وابن السني في عمل اليوم والليلة 337 ، واللفظ له ، وحسنه الألباني رحمه الله]
اللهم ارزقنا رزقا حسنا ، وأنجنا من الفتن ، واعصمنا من المحن والنقم ، ما ظهر منها وما بطن ، إنك على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأزواجه أجمعين.

حرره العبد الفقير إلى عفو ربه المولى القدير عبدالحليم بن محمد بلال أبومصعب، بالرياض.
الخميس، الثالث والعشرون من جمادى الأولى، 1445ھ